رسومات كهف لاسكو العجيبة
يُعد كهف لاسكو الأثري واحد من أهم كهوف عصور ما قبل التاريخ الزاخرة بالصور والنقوش والرسومات الجدارية والتي يقدر عمرها بنحو 17 ألف سنة ، إليكم القصة الدرامية لهذا الكهف...
في يوم 12 ديسمبر 1940 ، إنطلق أربعة أطفال وهم (مارسيل رافيدات ، جاك مارسيل ، جورج أغيلن وسيمون كوينكاس) في مغامرة في مونتينا بإقليم دوردونيي الفرنسي ، وبينما كانوا يسيرون عبر الغابات إبتُلِعَ كلبهم المدعو "روبوت" في حفرة ، فسارع الأولاد للحاق به ليكتشفوا بالمصادفة حفرة عميقة أثارة فضولهم فحاولوا تحديد عمق الثقب عن طريق رمي الصخور في الفتحة ، ليقرروا إستكشافه... قاموا بتوسيع الفتحة عن طريق إزالة بعض الحجارة حول الحواف ، بعد ذلك إنزلق الأولاد الأربعة عبر الثقب ليتفاجأوا برسومات على الجدران والسقف ، لكن الضوء الصادر عن المصباح الزيتي كان يتلاشى وأدركوا أنهم بحاجة إلى العودة إلى السطح...
بنشوة إكتشافهم ، وعد الأولاد الأربعة بالعودة في اليوم التالي إستعدادًا للتنقيب بشكل أفضل. لقد أقسموا على إبقاء إكتشافهم لأنفسهم في الوقت الحاضر. وبحلول اليوم الثالث ، لم يتمكن الفتيان من الإحتفاظ بسرهم المذهل ، قرروا أن كل واحد منهم يمكن أن يجلب خمسة أصدقاء لرؤية الكهف ولكن سوف يفرض سعر دخول بأربعين سنت للشخص الواحد. وكان ذلك أول "إستغلال تجاري للكهف". وبمجرد أن خرجت الكلمة ، إنتشر الخبر كالنار في الهشيم وسرعان ما كانت القرية بأكملها تصطف لإلقاء نظرة على اللوحات المكتشفة حديثًا. فقام الأولاد بتوسيع الحفرة وجعل الوصول إليها أسهل للجمهور.
قام الأطفال بتنبيه معلمهم "ليون لون لافال". وبعد بضعة أيام ، وأثناء زيارة عالم الأثار "الأب هنري بروي" للكهف ، ورؤيته لهذا الإكتشاف المثير ، أجرى دراسة مستفيضة علميا على اللوحات الصخرية ثم قدمه للجمهور وإنتشر الخبر في جميع أنحاء فرنسا وأوروبا والعالم. ثَمَّ تعميد الكهف بإسم "كنيسة سيستين لفن ما قبل التاريخ" وسُجِل رسمياً في سجل المباني التاريخية. كان جاك مارسيل ، البالغ من العمر آنذاك أربعة عشر عاماً ، قد نصب خيمة عند مدخل الكهف لحراسته من المخربين ، حيث كرس حياته لكهف لاسكو ، وظل مرشدًا رئيسيًا للكهف حتى وفاته في عام 1989.
يقع الكهف في ملكية خاصة يملكها "كونت لاروشفوكو" التي بدأت أسرته الإستغلال التجاري للكهف. وبحلول عام 1948 جلبت جولات يومية ما يصل إلى ألف شخص في اليوم ، ولم يمض وقت طويل حتى بدأ التأثير الكبير للزوار. مما أدى إلى تأثيرات سلبية على ألوان النقوش والرسوم بسبب التغيرات في مستوى الإضاءة ودورة الهواء في الكهف ، الأمر الذي دفع وزير الثقافة الفرنسي "أندريه مالرو" إلى إغلاقه أمام الجمهور عام 1963 وتحديد عدد محدود جدا من الباحثين والعلماء كل أسبوع. وفيما بعد أقُيم في عام 1983 كهف مماثل يبعد 200 متر عن الكهف الأصلي ويحتوي على نسخ من الرسوم.
وابتداءً من عام 1998 بدأت أنواع من الفطريات تصيب رسوم الكهف وعانت جدران مغارة لاسكو من التلوث البيولوجي حيث تكاثرت عدة مستعمرات من الطحالب والفطريات هناك. وفي بعض الأماكن بدأت اللوحات على الجدران والأسقف تتلاشى بسبب وجود فائض من ثاني أكسيد الكربون الناجم عن تنفس الزوار ، وهو ما حاول العلماء مكافحته بوسائل متعددة كتركيب نظام تهوية ، والذي ثبت أنه غير كاف... وفي يناير من عام 2008 أغلقت السلطات الفرنسية الكهف ، وحالياً لا يُسمح بدخول كهف لاسكو سوى للعلماء للعمل داخل الكهف وذلك لأيامٍ معدودة كل شهر.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق